الأحد، 30 نوفمبر 2014

علم المعاني (الأساليب)




 علم المعاني



أثر علم المعاني في بلاغة الكلام


 أن موضوع علم المعاني : دراسة خصائص التراكيب اللغوية ، من حيث دلالتها على المعنى ، و هو يرشدنا إلى اختيار التركيب اللغوي المناسب للموقف ، و نعني بالموقف : موقف المتكلم أو الكاتب من السامع أو القارئ ، و الموضوع الذي يُساق فيه الحديث أو النص المكتوب شعراً كان أم نثراً ، كما نعني بالتركيب اللغوي : نوع الجملة ، و أنواع الكلمات التي تتركب منها ، و طريقة تركيبها . فقد عرفت من دراستك ، أن الجملة الاسمية تُستخدم في غير ما تُستخدم فيه الجملة الفعلية ، و أن الجملة نوعان : خبرية و إنشائية ، و أن للجمل الخبرية أغراضاً مختلفة ، كما أن للجمل الإِنشائية أساليب متنوعة و أغراضاً متباينة تخرج عن المعنى الحقيقي الذي تؤديه الأساليب الإِنشائية .

و يمكننا أن نقول بعبارة أخرى : إن غاية علم المعاني ، إرشادك إلى الطريقة التي تمكِّنُك من جعل الصورة اللفظية أقرب ما تكون دلالة على الفكرة التي تخطر في ذهنك . فحين نفكر في معنى نريد أن نُعبِّر به عن خبر وقع في الماضي ، أو واقع في الحاضر ، أو سيحدث في المستقبل ، نستخدم في كل حالة صورة تعبيرية تختلف عن الأخرى ، و لابد أننا سنراعي ذلك أيضاً بالنسبة لمن تلقي عليه الخبر من ناحية درجة استعداده لتصديق ما يسمعه أو تكذيبه . كذلك الأمر حين نريد أن نعبر عن معنى نريد الاستفهام عنه ، أو الأمر به ، أو النهي عنه ، أو التعجب منه ، فإننا نستخدم في ذلك صوراً تعبيرية مختلفة هي أقرب ما تكون دلالة على المعنى الذي خطر لنا . و سنجد كل صورنا التعبيرية – عادة – خاضعة في تركيبها لترتيب لغوي معين ، ترشدنا إليه فطرتنا في استخدام اللغة العربية ، و دراستنا علم النحو ؛ الذي يرشدنا إلى وظيفة كل لفظ على حدة في الجملة ، و ما يلحق بالألفاظ من العلامات الدالة على تعلقها بغيرها في تلك الجملة ، كذلك يحدد لنا تراكيب الجمل من حيث صحتها و فسادها ، و شيوعها و ندرتها . فهو يقرر مثلا أن للجمل الاسمية ركنين أساسيين : أولهما المبتدأ و ثانيهما الخبر ، و للجمل الفعلية ركنين لا تتم الجمل إلا بهما : أولهما الفعل و ثانيهما الفاعل .

و علم المعاني في إرشاده لنا إلى اختيار التركيب اللغوي المناسب للموقف ، لا يخرج عما رسمه علم النحو لصحة الكلام ، و لكنه يفرض علينا – لغرض يستدعيه الموقف – أن نقدم أو نؤخر ركناً أو آخر ، و أن نذكره أو نحذفه . فعلم المعاني – كما ترين – وثيق الصلة بعلم النحو ، إذ يلتقيان في الاهتمام بدراسة خصائص التراكيب اللغوية ، و لكن علم المعاني يهتم في دراسته بدلالة هذه التراكيب على المعاني المناسبة لكل موقف ، و هو من أجل ذلك لا يقتصر على البحث في كل جملة مفردة على حدة ، و لكنه يمد نطاق بحثه في التركيب اللغوي المناسب للموقف ؛ إلى علاقة كل جملة بالأخرى ، و إلى النص كله ؛ بوصفه تعبيراً متصلا عن موقف واحد له معنى كلي عام ، و لهذا يرشدنا – مثلا – إلى طريقة الإيجاز أو الإِطناب في الجملة المفردة ، و في النص بوصفه جملة واحدة ، و يرشدنا إلى الطريقة المثلى لفصل الجمل في النص بعضها عن بعض ، أو وصلها حسبما يقتضيه الموقف و وفقاً للمعاني المتقررة في نفوسنا .



تعريفات أخرى لعلم المعاني:



1)_هوعلم نظم الألفاظ والعبارات على أسلوب معين يراعى فيه أمران هما: قواعد النحو ، ومطابقة الكلام لمقتضى الحال .


2)- وهو تتبع خواص تراكيب الكلام ومعرفة تفاوت المقامات حتى لا يقع المرء في الخطأ في تطبيق الأولى على الثانية.

وذلك ـ كما في أبجد العلوم ـ لأن للتراكيب خواص مناسبةً لها يعرفها الأدباء، إما بسليقتهم، أو بممارسة علم البلاغة، وتلك الخواص بعضها ذوقية وبعضها استحسانية، وبعضها توابع ولوازم للمعاني الأصلية، ولكن لزوماً معتبراً في عرف البلغاء، وإلا لما اختص فهمها بصاحب الفطرة السليمة ...وكذا مقامات الكلام متفاوتة، كمقام الشكر والشكاية، والتهنئة والتعزية، والجد والهزل، وغير ذلك من المقامات... فكيفية تطبيق الخواص على المقامات تستفاد من علم المعاني. ومداره على الاستحسانات العرفية.

موضوعاته:
1)-أحوال الإسناد الخبري.
2)-أحوال المسند إليه.
3)-أحوال المسند.
4)-أحوال متعلقات الفعل.
5)-القصر.
6)-الإنشاء.
7)-الفصل والوصل.
8)-الإيجاز والإطناب والمساواة.




الأساليب

الخبر والإنشاء

 تنقسم الجمل إلى نوعين: خبرية وإنشائية
 فماذا نقصد بالجملة الخبرية؟

الجملة الخبرية هي التي لها واقع تطابقه أو لا تطابقه، أي يمكن أن يقال عنها أنها صح أو خطأ، أو أنها تحتمل الصدق
 أو الكذب لذاتها، أي بغض النظر عن قائلها، ولذلك يدخل فيه الأخبار الواردة في القرآن الكريم رغم إيماننا بصدقها،
وأقوال مسيلمة الكذاب مثلاً رغم إيماننا بكذبها. أمثلة:

1- قال تعالى (كل من عليها فإن) هذا خبر لأنه يمكن أن يقال عنه أنه صدق.
2- قال تعالى (رب أوزعني أن أشكر نعمتك) هذا ليس خبرًا لأنه لا يقال عنه أنه صدق أو كذب فهو دعاء.




 ما هي الجملة الإنشائية؟

هي التي لا تقرر واقعًا فهي لا تحتمل الصدق والكذب كقولك: (اللهم ارحمني) ففي هذه الجملة

لا يستطيع أحد أن يقول لك صدقت أو كذبت.


 ما أنواع الجملة الإنشائية؟

هي نوعان:


أ- النوع الطلبي وهو الذي يطلب به شيء غير حاصل في وقت التكلم، وأهم أنواعه:


1- الأمر قال الشاعر: قم للمعلم وفه التبجيلاً.


2- النهي، قال الشاعر: لاتنه عن خلق وتأتي مثله.


3- الاستفهام، قال تعالى: (أنتم أشد خلقاً أم السماء بناها).


4- التمني، قال تعالى: (ياليت قومي يعلمون).




ب- غير الطلبي مثل:


1- التعجب كقولنا: (ما أجمل السماء).


2- القسم، كقولك: (والله لاصدقن في قولي).


3- المدح كقولنا: (نعم الصديقة زينب).


4- الذم، كقولنا: (بئس الرجل الكذاب).




أغراض الخبر

 ما أغراض الخبر؟

الغرض من الجمل الخبرية في الكلام العادي، إفادة السامع أمورًا كان يجهلها
ولكن التعبير الأدبي كثيرًا ما يخرج عن هذا الغرض إلى ألوان من التأثير النفسي مثل:

1- العظة: قال تعالى:(كل نفس ذائقة الموت).


2- السخرية: قال الشاعر: يقتر عيسى على نفسه وليس بباق ولا خالد
ولو يستطيع لتقتيره تنفس من منخر واحد.


3- الاستحثات: قال تعالى: (إنما لا نضيع أجر من أحسن عملاً).



4- المدح، قال صلى الله عليه وسلم يصف الأنصار: (إنكم لتقلون عند الطمع وتكثرون عند الفزع).


5- التحسر وإظهار الحزن، قال الشاعر:
ذهب الشباب فما له من عودة وأتى المشيب فأين منه المهرب.


6- الفخر، قال الشاعر:
وإني وإن كنت الأخير زمانه لآت بما لم تستطعه الأوائل.


7- الاسترحام والاستعطاف،
قال تعالى: (إني ظلمت نفسي فاغفر لي).





أضرب الخبر



ما أضرب (أساليب) الخبر؟

الجمل الخبرية تأتي على ثلاثة أضرب:


1-
ضرب خال من أدوات التأكيد إذا كان المخاطب خالي الذهن من الخبر ويسمى هذا الضرب الابتدائي أو الأسلوب الابتدائي كقولك لمن يسأل عن محمد: محمد مسافر.


2- وضرب مؤكد بمؤكد واحد، إذا كان المخاطب مترددًا في قبول الخبر، طالبًا لتأكيده ويسمى هذا الضرب الطلبي أو الأسلوب الطلبي، كقوله تعالى (إن أكرمكم عند الله أتقاكم) فقد جاء بمؤكد واحد هو: إن؛ لأن الناس مترددون فيمن هو أكرم هل هو ذو الحسب والنسب أم التقي.


3- وضرب مؤكد بمؤكد أو مؤكدين أو ثلاثة إذا كان المخاطب مذكرًا للخبر، ويسمى هذا الضرب الإنكاري أو الأسلوب الإنكاري، كقوله تعالى لمنكري توحيد الألوهية (وفي السماء رزقكم وما توعدون * فورب السماء والأرض إنه لحق) أكد الخبر بثلاثة مؤكدات: القسم وإن ولام الابتداء.




ملاحظة: 

من أدوات التوكيد: القسم، إن، أن، لام الابتداء، نون التوكيد، أحرف التبنية من ألا وهلا.




الأمر والنهي

 ما هي صيغ الأمر والنهي؟

أ- صيغ الأمر:


1- فعل الأمر، قال تعالى: (قل إن هدى الله هو الهدى).


2- الفعل المضارع المسبوق بلام الأمر، قال تعالى: (لينفق ذو سعة من سعته).


3- المصدر النائب عن فعل الأمر، كقولك (اجتهادًا لتنال النجاح).



ب- صيغ النهي:


 ليس له إلا صيغة واحدة وهي الفعل المضارع المسبوق بلا الناهية، قال تعالى: (ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها).


ما الغرض من الأمر والنهي؟

الغرض الأصلي للأمر هو طلب الفعل من كبير إلى صغير والنهي بعكسه أي طلب ترك الفعل من كبير إلى صغير وعلى هذا معظم الأوامر والنواهي في القرآن الكريم.


1- الدعاء (رب دلني على طريق الحق ولا تكلني إلى نفسي).


2- التحقير، كقول الشاعر: دع المكارم، لا ترحل لبغيتها.


3- التهديد، قال تعالى (اعملوا ما شئتم إنه بما تعملون بصير).


4- النصح، _قال الشاعر: عش في الحياة مجاهدًا إن الحياة عقيدة وجهاد


_وقال الشاعر: لا تنه عن خلق وتأتي مثله عار عليك إذا فعلت عظيم


5- السخرية قال الشاعر:
زعم الفرزدق أن سيقتل مربعًا أبشر بطول سلامة يامربع.






الاستفهام – أدواته

ما هي حروف الاستفهام؟

هما:

الهمزة وهل: ومعنى كونها حرفين أنهما لمعنى الاستفهام فقط.
*ولذلك فإن الاستفهام يكون بهما عن معنى الجملة، أي عن صحة الإسناد الذي تعبر عنه الجملة الخبرية ويكون الجواب عنهما إما (بنعم أو بلى) أي بالإقرار بصحة الإسناد وإما (بلا) أي بنفيها، 

وتتميز الهمزة عن هل بما يلي:

1-
أن الهمزة يمكن أن يطلب بها التعيين ويليها في هذه الحالة أم: أمحمد حضر أم علي.


2- الاستفهام بالهمزة يناسب حالة المتردد أو المكذب.


3- وفي كل حال يلي الهمزة المستفهم عنه.



 ما هي أسماء الاستفهام؟

1- ما: ويطلب بها تحديد حقيقة المستفهم عنه.


2-
من: ويطلب بها تعيين المستفهم عنه العاقل بالاسم أو الصفة.


3-
أي: ويسأل بها عن تعيين واحد مما أضيفت إليه وهي غالبًا ما تضاف إلى مفرد منكر أو مثنى أو جمع معرفين

 الأول يدل العموم والأخيران يدلان على الاشتراك.

4- كم: ويسأل بها عن العدد.


5- كيف: ويسأل بها عن الحال.


6- أين: ويسأل بها عن المكان.


7-
أنّي: وتكون تارة بمعنى (من أين) وتارة بمعنى (كيف).


8- 9- متى، أيان: ويسأل بهما عن الزمان.



 ما هي أغراض الاستفهام؟

الغرض الأساسي من الاستفهام هو طلب الأخبار عن شيء وقد يخرج إلى أغراض أخرى:


1- التعجب، قال تعالى: (ما لهذا الرسول يأكل الطعام ويمشي في الأسواق).


2- التوبيخ، قال تعالى: (أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم).


3- الاستهزاء، قال تعالى: (أصلاتك تأمرك أن تترك ما يعبد آباؤنا).


4- الإنكار، قال تعالى: (أغير الله تدعون).


5- الوعيد، قال تعالى: (ألم تر كيف فعل ربك بعاد).


6- التمني، قال الشاعر: هي بالطلول لسدائل رد.


7- التقرير، قال تعالى: (ألم نشرح لك صدرك).


8- الاستبطاء، كقول الطالب: (متى تنهى السنة الدراسية).


9- الاستحثاث، كقولنا: (ألا تذاكر).


10- التهويل، قال تعالى (الحاقة ما الحاقة * وما أدراك ما الحاقة).


11- الاستبعاد، قال تعالى: (إني لهم الذكرى).


12- النفي، قال تعالى: (هل جزاء الإحسان إلا الإحسان).


13- التشويق، قال تعالى: (هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم).


14- التعظيم، قال تعالى: (من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه).


15- التحقير، قال تعالى: (هذا الذي بعث الله رسولاً).




التمني


ما معنى التمني؟ وما أدواته؟

التمني معناه: الرغبة الشديدة في أمر يستبعد حصوله، لأحد سببين:


1- أن يكون مستحيلاً، قال الشاعر:
ألا ليت الشباب يعود يوما فأخبره بما فعل المشيب>


2- أو لكونه ممكناً ولكن حصوله مستبعد، قال الشاعر:
ألا ليت شعري هل أبيتن ليلة بجنب انغضا ازجي القلوص النواجيا.



أدوات التمني:


الأداة الأصلية هي (ليت)، وإذا أريد إبراز الأمر المستبعد أو المستحيل في صورة الممكن، فقد يستعمل لهذا الغرض:

1- حرف الاستفهام (
هل) لإفادة معنى الحمرة، قال تعالى: (يقولون هل إلى مرد من سبيل).


2-
لعل لإفادة أن المتمني ميئوس من حصوله، قال الشاعر:
أسرب القطا هل من يعير جناحا لعلى إلى من قد هويت أطير.


3- (
لولا) و(لومًا) و(هلا

للتنديم إذا كان ما بعدها فعل ماض، 
_قال تعالى: (لولا جاؤوا عليه بأربعة شهداء)، 
_وقال الشاعر:
هلا سألت الخيل يا ابنة مالك إن كنت جاهلة بما لم تعلمي


وللتحضيض أي الحث على طلب الشيء كقولك: لوما تجتهد لتنجح.



4-
لو: لإبراز المتمني في صورة ما لا يوجد، قال تعالى:
(فلو أن لنا كرة فنكون من المؤمنين).







الإيجاز والإطناب والمساواة في هذا الرابط شرح بشكل جميل ، اتمنى الفائدة منه...





 المواضيع الحديثة


القصر 

1)-  القصر وطرقاه.
2)-القصر بحسب انواعه.
3)- القصر بحسب الحقيقة والواقع

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق